اخبار عربية وعالمية

الاعتراف بتغيير المرحلة

احجز مساحتك الاعلانية

مهدي رضا

مضت 10 أيام علي مجيء الادارة الجديدة في أمريكا والاجراءات والمشاريع والقرارات التي خطتها هذه الادارة خلال هذه المدة الزمنية القصيرة قد أصابت مسؤولي النظام الايراني بدهشة وذعر شديدين.

فهذا الهلع يبرز في كل ملامح النظام بدءا من منابر صلوات الجمعة ومرورا بتصريحات مسؤولي النظام بقضهم وقضيضهم والى صفحات وسائل الاعلام الحكومية والى الصمت المميت الذي لزمه خامنئي والى المتحدثين المحترفين ببهلوانيات قوات الحرس..

وخلال هذه المدة أثبت الرئيس الأمريكي الجديد أنه ملتزم بوعوده وعمليا هو حريص على العمل بها.

وتشير صحيفة حكومية تحت عنوان «انطلاقة هزات ترامب» الى زالزال سياسي حدث في النظام تلويحا (جهان صنعت 28 يناير).

صحيفة أخرى أبدت عجزها أمام هذا الواقع وكتبت تقول «ماذا نستطيع أن نفعل وهذه القرارات التي يتخذها دونالد ترامب الذي له اجراءات عجيبة وغريبة وشاذة. يجب الانتظار والوقوف لكي نرى نتائج اجرائاته» (مقال علي خرم من العناصر السابقة لوزارة خارجية النظام – صحيفة اعتماد 28 يناير).

عجز النظام يمكن رؤيته خاصة في صمت خامنئي وتغيّب العناصر المحترفة في بهلوانيات النظام من أمثال الحرسي سلامي والحرسي شعباني والحرسي جعفري وكل البلطجيين الفاقدي المخ في النظام.

هؤلاء الذين كانوا لم يمض يوم الا وأن كانوا يطلون في المشهد ليعربدوا وليتشدقوا باغراق اسطول أمريكي واحتجاز بحارين أمريكيين ثم عرضهم على شاشات التلفزيون واليوم اختفوا عن الأنظار «في اختفاء جماعي» في جحورهم.

تصريحات الملا موحدي كرماني امام جمعة خامنئي في صلاة الجمعة لهذا الاسبوع في طهران بهذا الشأن يمثل نموذجا حيا. انه ونسي عربداته السابقة ضد أمريكا وضد الاستكبار وتحدث بلغة جديدة «السيد ترامب دخل البيت الأبيض …

الآن بشعار الخدمة للشعب الأمريكي». مبديا عن فرحته بأنه قد بدأ يعمل بوعوده الانتخابية واصفا الوفاء بالوعد بأنه ينطبق على «نص الدين الاسلام المقدس» وفي الوقت نفسه مبديا قلقه «حذار أن يغير الخناسون عزمك واعلم… أن اولئك الذين يعملون في الدفاع عن أنفسهم وعن شرفهم وبلدهم فليسوا ارهابيين».

فيما كان قد عربد هذا الملا في 2 ديسمبر الماضي في خطبة صلاة الجمعة ضد أمريكا وقال: «يا أمريكا، اننا نكره حكومتكم كرها شديدا.

واذا ما قمتم بتمزيق الاتفاق النووي فاننا وحسب بيان القيادة نحرقه قبلكم». أو كان قبله قد قال في صلاة الجمعة 2 اكتوبر 2015:

«…أمريكا هي العدو رقم واحد للاسلام وطالما تعادي الاسلام فنحن أيضا نعاديها». الملا كرماني ولكي لا يكون الميدان خاليا من العربدات، وجه ركلة ضد الاستكبار ولكن ضد الرئيس السابق! وفي المقابل مد يد الاستغاثة نحو «الهمة الرفيعة التي يتحلى به» «السيد ترامب»

وقال: «تغيير صفة الاستكبار والعنجيهة للمسؤولين السابقين ليس بالعمل السهل ولكن بهمة عالية للرجال كل مستحيل ظاهريا يمكن تحويله الى عمل ممكن». ومن الملالي الآخرين التابعين لخامنئي هناك من يدعى علي حاجي زاده وهو قال في صلاة الجمعة في تبريز ورغم كلمته المتشددة ظاهريا ضد ترامب بقوله «لا نعرف هل هذا الرجل مجنون أم سليم»

ولكنه أضاف والخوف بادي على وجهه من «برنامج» ترامب قائلا: «ترامب بدلا من أن يكون له برنامج ضد ايران، فمن الأفضل أن يفكر في التظاهرات التي تجري في شوارع بلده». هذا اللحن المتشدد، استخدمه عميل آخر لخامنئي يعمل في الصحافة يدعى مهدي محمدي لتوظيفه غطاء على خوفه.

انه وصف ترامب بـ «شومن» أي «رجل عارض» ولكنه اعترف بـ «بداية مرحلة وعهد جديد». وأما حسن روحاني رئيس النظام الفاشي الديني الحاكم فهو الآخر قال في مؤتمره وهو يوالس بالحديث «لقد ولى عهد أن نبني جدارا بين الشعوب»

مكررا أقاويله الدائمة بشأن التعامل والصداقة والتفاهم والحوار والاتفاق النووي وغيره ثم ولكي لا يبقى أي مجال لسوء الفهم قال ثلاث مرات أخطأت حسب قول المهندس بازركان بقوله «لم نكن نبحث عن سلاح الدمار الشامل ولن نبحث عنه اطلاقا».

ولكن الموقف الأوضح من الكل، جاء في صحيفة «رسالت» في 28 يناير حيث أبدت خوفها من العهد الجديد وكتبت تقول «تزداد مصائبنا ومصائب الشعوب الأخرى في العالم بعد عهد اوباما فيجب الاستعداد لذلك ولكي نقلل من خسائرها الى أدنى حد».

ولكن لماذا لزم الولي الفقيه للنظام الذي ارتعش كل أركانه الصمت ومنع الملالي والمسؤولين في الحرس المتشدقين المحترفين من التشدق؟

ألم يكن خامنئي وغيره من قادة النظام يؤكدون دوما ان أمريكا وخلال أكثر من 30 سنة لم تقصر من أي عداء ضدنا؟

وألم يكونوا يقولون أن أمريكا لم تتجرأ على الاعتراض علينا خوفا من قدراتنا وصواريخنا. اذن ما الذي تغير وهكذا لزموا الصمت؟

الجواب ببساطة هو أن هذه التشدقات والأقاويل والبهلوانيات كانت في عهد كان النظام مطمئنا من اوباما وكان يعرف أنه ليس هناك خيارات لا على الطاولة ولا تحتها.

وبالتالي كان احمدي نجاد يستطيع أن يتشدق ويطلق هراوات بأنه يستطيع أن يثبت بحسابات رياضيات معقدة أن أمريكا لن تدخل حربا.

فيما لم يكن حاجة الى رياضيات معقدة. لأن السماسرة والوسطاء واللوبيات التابعين للولاية كانوا متواجدين في البيت الأبيض ووزارة الخارجية وكانوا يعلمون «الرئيس» درس الرقص الايراني بسمفونية الملالي. ولكن الآن «بدأت مرحلة وعهد جديد» و «تغير اتجاه رياح السياسة» و«انقضت الأيام التي كانت لاتواجه النشاطات الارهابية والصاروخية الايرانية أكثر من رد بياني من قبل واشنطن».

(من بيان السيناتور تاد يونغ بعد تقديم مشروع العقوبات الجديدة غير النووية ضد النظام الايراني – موقع مشرق الحكومي 25 يناير2017).

وحتى ان كان خميني الذي احتجز الأمريكان – ناهيك عن خامنئي الضعيف – وتلاعب لمدة 440 يوما ولكن فور أن أطل ريغان فأطلق سراح جميع الرهائن خلال اتفاق الجزائر المشين مع مليارات الدولارات خدمة لأمريكا.

لذلك من الواضح جدا أنه لماذا لزم خامنئي الصمت منذ انتخاب الرئيس الجديد، ولم ينبس بكلمة وأدلى بكلمة مرة واحدة حيث وصى باعتماد سياسة الصبر والانتظار وقال «هذه الحكومة التي من المقرر أن تأتي لم تصل بعد وحالها حال البطيخ الذي لم يكسر بعد ولا نعرف ماذا يحتوي» (كلمة له لدى استقباله بالتعبويين (البسيج) 23 نوفمبر2016).

ولكن الآن انكسر البطيخ وتصدرت أوامر الرئيس الجديد بشكل متواصل وليس هناك مجال للغموض لكن السياسة بقت في الصبر والانتظار.

وهذا ما توقعته صحيفة «ابتكار» الحكومية في 29 يناير تحت عنوان «دبلوماسية ايران الصامتة» ونصحت اتخاذ سياسة معقولة «اجلس وشاهد».

ولكن سياسة «اجلس وشاهد» لا تستطيع أن تكون نهجا واستراتيجية دائمة خاصة وأن «الرئيس» الجديد لا يسمح بذلك. الولي الفقيه للنظام عليه آن يحسم أمر نظامه آجلا أم عاجلا.

اما الوقوف والعنجهية ودفع ثمنه ولو أن الملالي الحاكمين لم ولن يكونوا هكذا اطلاقا. أو خامنئي يعتمد سياسة الندم ويقول على لسانه «اني تخليت عن كل ما قلته سابقا».

ولكن المغزى هنا أن خميني كان بامكانه التراجع ولكن خلف النظام الحالي واد عميق مليء بالدماء والحروب بعمق 38 عاما من الجريمة والخيانة بحق شعب ايران! نعم ليس خلفه مجال للتراجع!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى